قبيلة صاري كتشلي ويكيبيديا، تعتبر قبيلة “صاري كتشلي” من أبرز المستمرين على حياة الترحال في منطقة الأناضول التركية، وتتمسك هذه القبائل بروابط عائلية قوية، والتي تهزم من خلالها مصاعب الترحال والعيش في أحضان الطبيعة، كما تم وصفهم بأنهم حراس الطبيعة المتطوعون. حيث تقضي القبيلة أشهر الشتاء على شواطئ البحر المتوسط وأشهر الصيف في وسط البلاد.

رحلة الشتاء والصيف “قبيلة صاري كتشلي”

هناك 180 عائلة قاومت نظام الاستقرار على مدى قرون، يبنون بيوتهم خمسين مرة كل سنة، لا ينامون مرتين في مكان واحد.. قامت أغلب القبائل الرُّحل التي رحلت إلى الأناضول قبل حوالي ألف عام بتفضيل حياةَ الاستقرار على حياة الترحال،ورغم انتقال أغلب أبناء القبيلة إلى نمط الحياة المستقرة، إلا أن البعض منهم لا زال يتمسك بتقاليدهم، بينما قبيلة “صاري كتشلي” بقيت مستمرة على نمط حياة الترحال، حيث تقضي القبيلة فصل الشتاء على شواطئ البحر المتوسط وفصل الصيف في روابٍ ترتفع ما يقارب 2000 متر عن سطح البحر، في ولايتي قونية وقرمان وسط تركيا.

أما بالنسبة لفصلي الخريف والربيع فإن القبيلة ترحل مع قطعان الماشية مسافة ما يقارب خمسمائة كيلومتر ذهاباً، ومثلهم إياباً ما بين الموقعين. حيث يكون ترحالها، بين السهول والهضاب والجبال، كذلك هي حياة الرحّل في الأناضول.

عادات وتقاليد قبيلة صاري كتشلي

ويستمر الأتراك الرُحل من قبيلة “صاري كاتشيلي” في ممارسة عاداتهم وتقاليدهم التي ورثوها قبل مئات السنين وحتى يومنا هذا، وعلى الرغم من التطور التكنولوجي في عصرنا الحالي ، لكنهم يجوبون أنحاء البلاد، حيث يسوقون أغنامهم أمامهم ومتاعهم  على ظهور جمالهم ، حاملين معهم ثقافة الأجدا د، ليقطعوا مسافات طويلة على أمل الاستمتاع بمناخ طيب ورعاية حيواناتهم في المراعي الجبلية الخضراء.

حيث يبدأ شباب الأسرة يومهم بعد الاستيقاظ في أوقات الصباح الباكر ، ليتناولون الفطور، قبل الذهاب إلى أماكن تواجد قطعانهم من الأغنام والماعز ، ليقوموا بتفقدهم وإرضاع صغار الماشية ، بعد الانتهاء يخرجون إلى المراعي.

أما بالنسبة إلى ربة الخيمة فهي تمضي معظم وقتها في إدارة شؤون الخيمة ، وتجهيز الطعام للرجال ، كذلك الاعتناء بأطفالها.

حيث يقضي أفراد الأسرة أغلب يومهم في رعي الماشية بأحضان الطبيعة ، ومع إقتراب المساء يتشارك الجميع في جمع الماشية والعودة بها إلى أماكن إيوائها بشكل كامل دون أن يكون هناك نقص في أعدادها ، الأمر الذي يصفونه بالعمل الشاق والطويل.

وعقب الانتهاء من الاعتناء بشؤون الماشية والعودة بها إلى مأواها ، يجتمع كافة أفراد الأسرة في الخيمة المتواضعة ، حول مائدة الشاي ، ويتبادلون الحديث فيما بينهم ، أو مع أفراد الخيم المجاورة ، الذين يتمتمعون بعلاقات جوار قوية فيما بينهم.

حياة الترحال عند قبيلة صاري كتشلي

وعند اقتراب موسم الصيف، يبدأ أفراد قبيلة “صاري كاتشلي” بتجهيز أنفسهم من أجل الاستعداد للترحال ، وتجهيز ما يلزم من أجل البدء في رحلة طويلة قد تستغرق عشرات الأيام ، فإن الاستعداد للترحال وحده ، يستغرق شهراً كاملاً عند القبيلة التركية، حيث تقوم النساء بتجهيز الكثير من الطعام والمأكولات بحيث تكفيهم طوال رحلتهم.

ويؤكد أفراد القبيلة على إنهم يواصلون حياة الترحال منذ سنوات ، ويواجهون المصاعب بالتكاتف والتعاون فيما بينهم.

عائلة “غوبوت” إحدى عائلات قبيلة صاري

عائلة “غوك” تعتبر من أحد العائلات القليلة التي تحيي هذا الإرث ، والتي انتقلت من بلدة “أيدنجيق” بولاية مرسين التركية المطلة على ساحل البحر المتوسط التي كانت تقيم فيها في فصل الشتاء ، إلى بلدة “خادم” بولاية قونية وسط الأناضول.

وعندما قال “مصطفى غوك” البالغ من العمر (64 عاما): “وجدت نفسي مهاجراً فوق جمل، منذ تفتحت عيناي على هذا العالم”، والذي أكد على “عزمه على عدم ترك عاداتهم وإرثهم الثقافي ، على الرغم من كل الصعوبات التي يواجهونها ومهما حصل”، وأضاف أيضاَ أنهم يقضون معظم يومهم في الاعتناء بالماشية ، كي يتمكنوا من بيعها بسعر جيد في نهاية الموسم.

كما أكد أيضاً أحد أفراد هذه العائلة على إنه “أبصر النور في هذه الحياة داخل الخيمة”، ليندمج منذ صغره في تربية الماشية والاعتناء بها مثل باقي أفراد القبيلة، كما أوضح بأن أسرته سعيدة بنمط حياتها رغم المصاعب الجمّة ، على حد وصفه، كما وصفتهم بروين تشوبان صوران ، رئيسة جمعية التضامن مع قبيلة “صاري كاتشيلي” ، أفراد القبيلة بأنهم حراس الطبيعة المتطوعون.

وأكدت على حرصهم على الاستمرار في حياة الترحال والحفاظ على هذا الاسلوب من العيش، من خلال الحفاظ على الاتجاهات التي يمر منها قبائل الترحال ، والأماكن التي يرحلون إليها.